الثلاثاء، 24 فبراير 2015

4 دقائق على شاطىء طرابلس



البداية سمعت خبر المذبحة وكالعادة قررت ما اشوفش الفيديو لأنى بطلت اشوف فيديوهات اى احداث داخلية او خارجية من فترة كبيرة لأن مش فاضل عندى قدرة اعمل كده, فجأة قررت اشوف الفيديو يمكن بدافع الفضول انى اعرف اجرام الناس دى وصل فين واللى شجعنى انى كنت مقتنعة ان مفيش حاجة ممكن تأثر فيا للدرجة , المهم اشتغل الفيديو جودته وطريقة تصويره اعلى ما كنت متخيلة, شوية كلام وناس هايمة فى ملكوت الله فجأة بدأ القتل وفجأة انهارت كل قوة كنت فاكراها عندى, ما كملتش وعمرى ما هفكر أكمل , هنا بدأ التفكير والخيالات والمشهد اللى شوفته بيتكرر زى شريط فيديو بيسف فى دماغى , تفكير فى الناس دى كانت حاسة بايه من اول ما اتخطفوا؟ كانوا عارفين انهم هيموتوا كده؟ عرفوا امتى وازاى؟ كانوا عارفين ان موتهم هيكون بشع وهيتصور ويتنشر وكل العالم هيشوفه؟ كانوا بيفكروا فى اهلهم ازاى؟ كان عندهم أمل ان بلدهم ممكن تنقذهم ويتكتبلهم عمر جديد ولا كانوا متأكدين ان بلدهم هتخذلهم؟ اخر لحظة كانوا بيفكروا فى مين؟ اتوجعوا؟ ..... أسئلة كتير عمرى ما هعرفلها اجابات بس مش عارفة هفضل افكر فيها لامتى !
أهلهم بغض النظر عن كل الأسئلة اكيد حياتهم قبل دبح عيالهم حاجة وبعده عمرها ما هترجع زى ما كانت ابدا , انا لو اى حد لا قدر الله من أهلى او أصحابى او اى حد بحبه او اعرفه حتى حصله كده كنت هحس ايه !
انا نفسى لو كنت مكانهم فكرت فى كل التفاصيل وحاولت اتخيل احساسى بالظبط , احساسى انى فى غربة وفجأة اتخطف واكون من اسرى بيتفاوض عليهم مع بلدى , احساس انى ممكن اموت فى اى وقت بطريقة بشعة , انى ممكن ما اشوفش اهلى تانى ولا اى حد بحبه , انى هتصور وانا بتقتل وكل الناس هتشوفنى فى اكتر موقف ليه جلاله المفروض يعدى عليا بسلام لما ربنا يريد , انى ممكن اموت فى وقت يقرره حد ! حد يقرر فجأة انه ينهى حياتى لأى سبب مختل ! , هكون حاسة ايه من اول ما رجلى تلمس رمل الشاطىء وانا عارفة انى رايحة اموت بس مش شايفة رايحة فين بتجر ! , المفروض المشهد ده بيتصور فمفيش مانع ابدا نعيد اكتر من مرة ومع كل اعادة انا بستنى تحصل معجزة تنقذنى متناسية ان مستحيل تحصل معجزات خلاص , هكون بفكر فى اهلى اللى متأكدة مش هيعيشوا يوم من بعدى وفى اصحابى اللى يمكن يزعلوا شوية وينسوا هفكر فى الحاجات اللى كان نفسى اعملها واقولها وما عملتهاش ولا قولتها , كل ده مش مهم هتدبح فى الاخر ودمى هيغرق البحر وهيطلعوا يهللوا شوية وخلاص وهيطلع شوية ناس دمها خفيف تقول ان ده فوتوشوب .
مستغربة ازاى الدنيا ما وقفتش عند لحظة زى دى لحظة فيها اهانة لكل المحرمات والمقدسات , الفيديو ده هيفضل اكتر حاجة مؤلمة ومرعبة وحقيرة شوفتها فى حياتى, من الحاجات القليلة اللى شوفتها ولازمتنى بعدها الكوابيس ايام , يارب اعيش واشوف اليوم اللى الناس تموت الموت الآدمى اللى المفروض يموتوه فى سلام بس فى سلام .